أكتوبر 10, 2025

المعلّم…آخرُ من يعلم!

أكتوبر 10, 2025

Charting Expectations, Risks, Benefits, Tradeoffs, and Value in Germany and China

تهميشٌ ناعملإقصاءٍ صامت.

في زمن تُوزّع فيه المناهج بالتوصيل السريع، وتُطبخ السياسات التعليمية خلف الأبواب المغلقة، يُستبعَد صاحب الرسالة ليصبح موظف تنفيذ، لا شريك بناء.

يُستدعى عند التنفيذويُقصى عند التخطيط.

أيها القلم، هل تكتب دون أن تستأذن الورقة؟ هكذا يُرسم مستقبل أبنائنا، بلا مشورة من حامل الطباشير. تُعقد المؤتمرات، تُطلق المبادرات، وتُصاغ استراتيجيات التغييروالمعلم غائب.

هل أخبروه أن المناهج تغيرت؟ هل شاركوه في اختيار الأدوات؟ أم أبلغوه لاحقاًبصفتهآخر من يعلم؟

في دراسة نُشرت في Teaching and Teacher Education، أقرّ 72% من معلمي الشرق الأوسط بأنهم لم يُستشاروا إطلاقاً عند تغيير المناهج، بينما أُجبر 65% منهم على تطبيق أدوات تكنولوجية لم يُدرّبوا عليها.

أي عدالة هذه؟ أن يُزجّ بالمعلم إلى الميدانعارياً من المشاركة، مثقلاً باللوم؟

تخيّل طبيباً يدخل غرفة العمليات، ليكتشف أن الفريق تغيّر، وأن البروتوكول أُعيدت كتابته دون علمهثم يُحاسب إن فشل!

المعلم يُحاسب كل يوم، لأنه الواجهةولكن من كتب السيناريو؟ من وضع النص؟ من اختار المعدات وحدد الوقت وقرر أن النجاح مسؤولية فردية؟

نُطالبه أن يكون: مربياً، محفزاً، إدارياً، تقنياً، قانونياً، نفسياً، رقمياًثم لا يُسأل!

كأننا نقول له: كن كل شيءإلا أنت. نُجبره على الحضور الجسديونُنكر وجوده المعنوي. نحمّله فشل منظومةٍثم نُقصيه عن إصلاحها. ونتساءل بعدها ببراءة: لماذا انطفأ الشغف في عينيه؟

المعلم ليس جهاز تنفيذ، بل عقلٌ تربوي يحتاج أن يُصغى له، ويُحتضن فكره، ويُستثمر رأيه.

فكم من فكرة تعليمية رائعة وأُجهضت لأنها خرجت من فم معلم ميداني لا يحمل لقباً وظيفياً رفيعاً! وكم من إصلاح وهمي انهار لأنه أُسّس من فوق رؤوس من في الميدان!

في نظام يُقصي المعلّم، تموت الجودة اختناقاً داخل شعاراتها.

التعليم الحقيقي لا يُدار من المكاتب العليا فقط، بل من القلوب التي تُعلّم. من الحصص، من الفصول، من الطباشير الذي خفت صوته، لكنه لم يخفت أثره.

نعم، هناك معلمون مقصّرونلكن من الذي قصّ أجنحتهم؟ من الذي قزّم أحلامهم؟ من الذي وضعهم على الهامش؟

هل نلوم الشمعة إذا ذابتأم الغرفة التي لا نافذة فيها؟

يا صانع القرار، لا تطالب المعلم بالمثالية ثم تُعزله. لا تحاسبه على منهج لم يكتبه، ولا تُحمّله نتائج قرار لم يُشارك فيه.

إن أردت أن تُصلح التعليم، لا تُصلحه فوق رأسهبل من داخله.

ابدأ الإصلاح بكرسي واحد يُضاف إلى طاولة التخطيطيُكتب عليه: «للمعلّم». أعد إليه صوته، وكرامته، ومكانه في الحكاية. فهو ليس آخر من يعلمبل أول من يُعلّم.

Scroll to Top