أجلس كثيراً مع نفسي.. وبعض الوقت مع الأصدقاء والزملاء -فقد أصبح اللقاء عن بعد في الغالب- نتحدث عن أبنائنا في زمن الكورونا.. وكيف أصبح كل شيء في لمح البصر -فاقدا البنى التحتية- عن بعد.. فالتعليم عن بعد.. التخرج عن بعد.. وقد أصبح شعار حفلات التخرج (افرح عن بعد) في زمن الكورونا.. يحتفلون ويدرسون ويتواصلون ويحزنون وووو في كل شيء عن بعد!! وهذا هو الحال في عهدٍ لم نعهده من قبل..
ولكن كثير من خريجي الثانوية يشعرون بالضياع.. وفي كل عام يمر بوجود الكورونا يشعر الجميع بأن الفرحة منقوصة لهذا التفوق الوهمي.. وكأن زماننا أصبح موسوما بالضياع.
يا ترى هل خريجو أو دفعة كورونا، سواء أكانوا الثانوية أو خريجي الجامعات سيكونون حقا قادرين ومتمكنين من مهنهم؟! وهل حقاً طالب الثانوية قادر على الاختيار الحقيقي والصحيح لمهنته المستقبلية؟! إنه جيل الدراسة والامتحانات والرسائل والحفلات الافتراضية.. وهناك تخصصات عملية إن لم يحضر فيها في الإطار الميداني لن يكون متمكناً من تخصصه..
اذاً، كيف سأثق بهذا المهندس الذي تخرج في زمن الكورونا؟ أأسلمه بيت أحلامي أو بناء أياً كان باختصار؟!.. وكيف سأثق بهذا الطبيب الذي تخرج في زمن الكورونا؟!.. وغيرها من المهن بكل المجالات.. وكيف وكيف وكيف؟!!
لا أعلم.. وهذا حديث الشارع.. فالوضع أصبح نفسيا أزمة ثقة لكل من عاصر هذه الفترات المتزامنة مع الكورونا.. لن نشعر بالثقة والراحة في التعامل مع هذا الجيل.. فكلنا نعلم كيف درسوا وكيف تخرجوا وكيف سيمارسون مهنهم.. لا أعلم.. أجد صعوبة في تقبل الفكرة ونحن أمام جيل تزامن مع الكورونا.. لا أعلم..
يخيفنا هذا الجيل الافتراضي.. لأنه متحمس كثيراً وتجدهم فرحين لوضعهم في كل الظروف.. ومتقبلين ما يحدث.. ولكن.. البعض منهم يشعر بالضياع في ظل ما يحدث.. فالكثيرون منهم كالروبوتات يتصرفون ويرتدون ثياب التخرج من أجل مواكبة روح الحدث فقط.. أيعقل %91 نجاح في الثانوية؟!
ولكن.. هذا مخيف..لأننا نقف أمام مستقبل مجهول غامض تبعثرت فيه الأوراق وعصفت بها طيات الكورونا.. وقصفت جبهة التعليم شر قصف.. فالفرحة منقوصة لدينا نحن من سيتعاطى معهم.. ويبقى التساؤل.. هل سنثق بهذا الجيل الذي تخرج في زمن الكورونا؟! هل هو ملهم وقدوة لمن بعده؟.. دعونا نناقش الأمر مع كل الأطراف لنعيد بعض التوازن المختل.
د. أحمد حسين الفيلكاوي