يوليو 25, 2025

من الساحة المدرسية… إلى ساحة المطاعم!

يوليو 25, 2025

في السابق، كانت ساحات المدارس تنبض بالحياة بعد الدوام الرسمي. الطالب يركض من الفصل إلى المسرح، من الملعب إلى الورشة الفنية. أنشطة مسائية، مناظرات، مسابقات، هوايات تكتشف، وشخصيات تتكوّن. كان التعليم يبدأ في الصف… لكنه لا ينتهي عند الجرس.

اليوم؟ أُغلقت الأبواب. وتحوّلت المدرسة إلى بناية صامتة بعد الثانية ظهراً، فخرج الطالب يبحث عن «ساحة بديلة»: المجمعات، الكافيهات، الألعاب الإلكترونية، أو الفراغ الرقمي. نقلنا أبناءنا من ساحات التربية… إلى ساحات الاستهلاك. من ميدان القيم… إلى مسرح الموضة.

جيل كان يجب أن يصنع شيئاً… صار يُشاهد فقط، جيل كان يجب أن يتدرّب… صار ينتظر الخصومات في المول.

في تقرير أصدرته منظمة UNICEF لعام 2024، تبين أن الأنشطة اللاصفية تقلل من خطر الانحراف السلوكي بنسبة 36%، وتزيد من مهارات التعاون والابتكار بنسبة 42%.

لكن ماذا فعلنا؟ أغلقنا المساحات التربوية، وتركنا الجيل أمام الشاشات.

مشكلة الجيل؟ لا، بل مشكلة مؤسسة قررت أن تختصر التربية في الحصة الدراسية، ونسيت أن «صناعة الإنسان» لا تحدث فقط في الصف، بل تبدأ خارجه.

اليوم… نُحيي خطوة وزارة التربية في فتح الأنشطة الصيفية من جديد. مبادرة جميلة… تعيد الروح للساحة المدرسية.

لكن المبادرة وحدها لا تكفي. نحتاج إلى تنظيم، إلى رؤية واضحة، إلى استدامة. فالأنشطة ليست موسماً صيفياً… بل فلسفة تكمّل المنهج.

في فنلندا، تظل المدارس مفتوحة حتى السادسة مساءً: مشاريع مجتمعية، ورش تطوير، أنشطة فنية ورياضية، لأنهم يعرفون أن الطفل لا يُربّى فقط داخل الدرس… بل في كيفية قضاء وقته بعده.

جيل اليوم لا يفتقر إلى الذكاء… بل إلى «مساحة حضارية» يمارس فيها إنسانيته.

لهذا نقترح في الكويت برامج ثابتة مستمرة طوال العام، لا موسم صيفي فقط، وإشراك أولياء الأمور في تخطيط الأنشطة، لا فقط في متابعتها، وربط الأنشطة بمشاريع مجتمعية حقيقية… لا مجرد ترفيه.

فحين نفرّغ المدرسة من دورها المجتمعي، لا نخسر التعليم فقط… بل نُفرغ المجتمع نفسه من مضمونه.

ربما حان الوقت أن نُعيد تعريف معنى «دوام المدرسة»، فالتربية لا تنتهي بالجرس… بل تبدأ بعده.

Scroll to Top