نعيش في دولتنا مع وزارة التربية والتعليم نتخبّط بالمناهج.. عثرة وراء عثرة.. وعمليات التغيير التي ما تلبث في عقول أبنائنا حتى جاؤوا بمناهج أخرى.. فبتنا في سباق تغيير المناهج في ما يسمى التطوير.. والأسباب ليست مقنعة. فهذه مناهج الكفايات ينعى المسؤولون أيامها الأخيرة، غير آسفين، على المال الذي يهدر من قوت المواطن والمال العام، تحت مسمى «مصلحة الطلبة.. وهم أغلى ما نملك».. لكن هذه المرة بلغ السيل الزبى.
عندما قلنا إن مناهج الكفايات لا تتناسب مع بيئتنا الكويتية.. صمتت الأذن.. وعندما قلنا لا يجوز أن يتدخّل البنك الدولي، ويفرض علينا مناهج معمولة ضمن معايير تتناسب مع بيئاتهم.. لم نجد من يستوعبنا.. فهل سوق المعايير التربوية للمناهج أصبح كما سلعة تباع في السوق المفتوح.. أم هي سياسة غير مبنية على الاقتناع؟ والحقيقة أصبحت واضحة بالنسبة الى المناهج التي نكاد ندخل موسوعة غينيس بعدد المرات التي جرى فيها تغيير المناهج.. فضلاً عن عدد وزراء التربية والتعليم، الذين تفوقنا عن الدول بعددهم منذ التحرير.. فهل من المعقول أن يصبح تعليم أبنائنا عرضا وطلبا، ويصل حد الإجبار من دون مناقشة؟هل أصبح الآن منهج الكفايات لا يتناسب مع بيئتنا الكويتية وثقافتنا ومنقوص من القيم؟ أين القائمون على المناهج والخبراء؟.. لماذا لم يقيّموا المناهج قبل تطبيقها؟! هل أصبح اليوم لدينا أيد وخبراء كويتيية قادرة على وضع معايير جديدة أفضل وأكثر دراية؟! ولا للخبراء الأجانب؟! ما زالت وزارة التربية تروي لنا قصة الفانوس السحري.. الذي ما إن كبرنا حتى أدركنا أنه وحي من الخيال.. ولم نعد نصدّق ما يقال.
أقولها، ولن أخشى لومة لائم: أغلب المسؤولين غير مسؤولين.. والبلاد تحتاج الى صحوة ضمير.. الذين يدركون أن مناهجهم لا تتناسب مع بيئاتنا ولا ثقافتنا ولا قيمنا.. ولكن ما زال الانسياق لاختياراتهم ورغباتهم.. كان الأحرى أن تقيّموا قبل أن تقبلوا.. ولا يجوز أن يفرض علينا رغبات الآخرين للانتفاع.. فالبنك الدولي وغيره لم يعطنا المناهج صدقة.
ومع المناهج الجديدة سيبدأ الهدر من جديد.. لواضعي المعايير الخبراء (الأيدي الكويتية).. وإعداد برامج تدريبية على المناهج الجديدة.. للموجهين ورؤساء الأقسام والمعلمين.. بالإضافة إلى الأرقام التي ستدفع لتلك اللقاءات مع جهات عالمية وخبراء من أميركا وبريطانيا.. دعنا يا وزير التربية من حجة خوفكم على المواطنين من الابتزاز والاستغلال من واضعي المذكرات الدراسية.. وتخفيف وزن الحقيبة المدرسية وحوسبة المناهج.. فقصة المناهج أصبحت خرافة.. أترك لكم يا سادة يا كرام مناقشة الأمر الجلل.