يناير 18, 2020

«السوشيال ميديا» وفنون تعلم الجريمة «على أصولها»

يناير 18, 2020

كنت في منزل أحد الأصدقاء.. وكان أولاده يلعبون تارة.. ويقلبون الهواتف الذكية تارة أخرى.. شاهد أحد الأولاد خبر جريمة قتل.. ففوجئنا – أنا ووالده – عندما صاح لإخوانه.. «تعالوا نمثل الجريمة.. أنا أمسك السكين وأقطع رقبتك.. وبعدين أطعنك 7 طعنات مثل ما شفنا.. (وتسوي) نفسك ميت.. نبي كاتشب عشان نعيش الجريمة..».. ويضحكون متحمسين.. واقترح أخوه أن يقلدوا انتحار الشاب الذي علق نفسه بالحبل.. ويا لصدمتنا لما نسمع..!

ليست صدمة فحسب.. بل خوف انتابنا بلحظة.. فقد يقلد أبناؤنا جريمة ما.. وتقع الطامة الكبرى.. وقد يقوم أحدهم باستخدام سكين ليست لعبة.. وفي غفلة يقوم بطعن أخيه أو أخته أو أمه أو أي كان حوله.. فأبناؤنا الصغار لم يدركوا بعد ويلات تقليد كل ما يشاهدونه..

كلنا نعلم أن «السوشيال ميديا» عبر القنوات في «اليوتيوب» وغيره من المواقع التي تنشر الفيديوهات لجرائم «صيادي الجرائم» تقشعر لها الأبدان.. ويعلقون عليها بالتفصيل.. ويمثلونها أيضاً.. وينشرون صورا حقيقية لجثث المجني عليهم.. ألا يعون أن «السوشيال ميديا» يشاهدها أطفال صغار ومراهقون لا يجوز أن يشاهدوا تلك الصور والفيديوهات.. ولا يجوز أن يشاهدوا تقارير مفصلة عن تلك الجرائم البشعة.. خاصة التعذيب وأدواته أيضاً؟.

كثير من الأطفال والمراهقين وقعوا ضحايا التقليد.. وذهبت أرواحهم سدى.. وتقطعت أكباد أهاليهم.. ضحايا أصحاب القنوات والمواقع في «السوشيال ميديا».. الذين يتسابقون لنشر الجرائم للحصول على أعلى مشاهدات ومشتركين.. استيقِظوا فقد تكون الضحية القادمة ابنك أو بنتك أو أحدا من أهلك وأقاربك.. فتصبحوا نادمين وما يفيد الندم.

واللوم الأكبر ممدود لـ«السوشيال ميديا» بأشكالها.. كان حرياً بها أن تضع رقابة على المواقع الإلكترونية.. أين إدارة نظم المعلومات.. لم لا يتم تصويب مهامها ودورها لتكون جهة رقابية ومساءلة كل من ينشر فيديوهات وصورا لجرائم أو ضحايا مقتولة بأبشع الطرق؟.. المصيبة أن الناشر يقوم بتفصيل الجريمة والأداة المستخدمة وطريقة القتل.. ماذا دهاكم؟.. اتقوا الله.. أصبحنا نخشى أن نغفل عن أبنائنا لحظة خوفاً من الكوارث.

والأمر لم يتوقف على الجرائم والقتل.. بل هؤلاء الذين يتباهون في قدرتهم الفائقة على قيادة السيارات والدراجات النارية.. والحوادث الخطرة التي تزهق فيها أرواح.. لابد أن يُمنعوا.. فجميعنا نعلم هوس المراهقين.. فما إن يشاهدوا أشياء خطرة حتى يقلدوها، وكذلك «السحرة»، وهي بالأصل خدع بصرية.. ولكن أبناءنا لا يدركون ذلك.. وتأخذهم الحماسة.

لابد أن يتحمل كل رواد «السوشال ميديا» مسؤولية ما يتم تداوله ونشره.. ومساءلتهم.. فكم أسرة وقعت ضحية بفقدها أحد أفرادها نتيجة تقليدهم ما يشاهدون.. رواد «السوشال ميديا» أصبحوا مدربي فنون تعلم الجريمة على أصولها.. أترك لكم يا سادة يا كرام سرد تجاربكم مع أبنائكم أو تجاربكم الشخصية في ما قيل.. ومن ثم نقول.

Scroll to Top