عدنا والعود أحمد، بعد الغياب نعود لنرصد أهم الموضوعات التي نتبادل فيها الآراء ووجهات النظر مع كل الاحترام.. وارتأيت بعد أن صادفني الكثير من الجدل مع الزملاء والناس.. جدل طال في أزمة الشهادات.. وكثر الكلام فيها من دون الوصول إلى أصل المشكلة.. فالمشكلة ليست في كونها مزورة أو غشاً وتدليساً في اعتبار الشهادات الفخرية شهادات كالدراسات العليا وغيرها.. أو اعتبار شهادات الدورات شهادة تؤهل صاحبها لأن يكون صاحب خبرة ومهنة مهمة في سوق العمل، وكأنه صاحب شهادة من أرقى الجامعات.. دعونا نذهب إلى عمق المشكلة وأصلها.
الأصل بأن التزوير جاء من السوق المفتوح لاقتناء الشهادات.. سوق يمكن شراء أكبر الشهادات من جامعات مختلفة حول العالم.. نعم هذه الحقيقة التي أغفل عنها الكثيرون.. فكما تذهب إلى السوق المفتوح لشراء سلعة تعجبك، فالشهادات كذلك.. وإذا عرف السبب بطل العجب..
إن الأزمة الحقيقية هي أزمة ليست علمية.. فهم ليسوا بحاجة إلى علم.. هم بحاجة إلى وجاهة واعتبار في داخل المجتمع.. والأزمة في أن من يشتري شهادة من السوق المفتوح لبيع الشهادات هو شخص يتصف بالفشل وعدم تحمل المسؤولية.. يعمد إلى الخطأ من أجل سمعة علمية ومنصب وظيفي ليتظاهر أمام الناس فقط لا غير.. والسوق هدفه الثراء..
أما من يحاول أن يأخذ دورة ليكون في ما بعد صاحب مسمى مهني يبدأ في العمل به، وكأنه ذو خبرة ومسيرة علمية طويلة، بذل فيها السبل والجهد، فهو شخص متسلق أصولي يعمل على امتهان علم ليس هو بعلم.. أما عن الشهادات الفخرية، فحدث بلا حرج..
إذاً، الأزمة في الأصل هي أزمة أخلاقية وليست علمية.. لأننا اتفقنا على أنه شخص فاشل وأصولي متسلق لا غير.. يبدو سعيد، ولكنه بالداخل يعيش في صراع كالسارق الذي يتلفت حوله خوفاً من أن ينكشف.. ما هذه الحياة؟! ماذا استفاد هؤلاء الذين جرى اكتشافهم غير العار والخزي.. لو اجتهدت لأصبحت.. ولكن كل شيء سهل يجري إليه هؤلاء بسرعة ضوئية.. ولا يعلمون أن ما يأتي بسرعة يذهب بسهولة.. ويسعفني مثل إنكليزي.. easy come, easy go..
وأترك لكم إبداء الرأي في الهزة التي أصابت الكويت من وراء الشهادات المزورة.. ومن يدعي أنه يملك شهادة ويساوي الرؤوس المجتهدة مع شهادات الدورات والشهادات الفخرية وغيرها.. وجهة نظري الأخيرة أن الأزمة أخلاقية، بالإضافة إلى أزمة تَدَخُّل من الدولة لوضع قوانين ورقابة صارمة على الشهادات ونوعيتها وأصلها.. والحقيقة أن كل مجتهد ضاق به الخناق من هؤلاء المتسلقين.. ولا عزاء للسوق المفتوح لاقتناء الشهادات في واقع لا بد من تدخل صارم من الدولة والجهات المختصة لإغلاق هذا الملف نهائياً.