نوفمبر 4, 2019

المعلم.. وما أدراك ما المعلم

نوفمبر 4, 2019

التقيت مع صديق لي فوجدته غاضباً محتداً بعض الشيء، مرسوماً على وجهه الحزن، فقلت له أن يتوكل على الله وأن يتحدث إن أراد، ليوسع عن صدره.. فصدمني مما سمعت، حيث قال إن أحد المدرسين الوافدين الذي يدرس ابنه في المرحلة الابتدائية بمحافظة مبارك الكبير قام بضربه بالعصا وبدأ الولد بالبكاء من الألم.. وعمد هذا المعلم الوافد على توقيفه في آخر الصف، ولم يكتف بذلك، بل قام بشتم الطلبة بشكل عام وقال حرفياً -مع المعذرة- «يا أولاد الجزمة»!!..

اعذروني، سأتحدث بعيداً عن الكياسة وما تعودنا عليه من اللطف، فالموضوع يخرج من مرب فاضل –هذا على أساس المفاضلة – إلا أنه يفتقد للتربية والأخلاق العامة التي لا بد أن يتعامل بها مع أبنائنا.. وقد تحول التعليم على يده إلى سوق تخترق فيها الكلمات النابية والألفاظ الخارجة والكثير من المصطلحات غير المرغوبة والقسوة المؤدية للضرب في إطار التربية.

كيف يقوم معلم بالضرب والشتم في مدارسنا؟! ونحن نعلم أن للمعلم أخلاقيات لا بد أن يتعامل من خلالها مع طلبته ليزرع فيهم الأخلاق الحميدة، والقيم الفاضلة والإنسانية، بعيداً عن بيئاتهم المختلفة، فالمدرسة هي بيئة الطلبة التي تخرجهم إلى المجتمع وسوق العمل (أبناء المستقبل) بأفضل ما قد يمتلكون من أخلاق ورحمة.. وكيف نولّد بداخلهم الثقة ومفهوم الذات ونؤكده بداخلهم والرضا عن الحياة والتراحم من دون أن نزرع بداخلهم الشعور بالخوف وعدم الشعور بالأمان النفسي في ظل الضرب المؤلم، خصوصا لأبنائنا في المرحلة الابتدائية، فهم باكورة المجتمع، وفيهم نبدأ الغرس.

لسنا بحاجة لمعلمين تعمل الدولة على استقدامهم من أجل العمل بمدارسنا لمجرد أنهم حاصلون على شهادات تؤهلهم للعمل فيها وبمعدلات متدنية.. – ولا أقصد بكلامي أي عنصرية – بل استحقاق حق، لأننا نريد معلمين أكفاء يمتلكون سلاح المستقبل من معرفة وأخلاق وقيم، يتحدون عصر التكنولوجيا الذي قد يحدث تغييرا كبيرا وخطيرا بأبنائنا وقسوة إذا ما جرى إهمالهم وتركهم يبحرون في التكنولوجيا.. معلمين يعملون على صقل شخصيات أبنائنا ليواجهوا هذا المستقبل المتجدد والمتغير باستمرار، بخطى واثقة، ونفسيات ثابتة ومبدعة.

يا وزير التربية، نعلم أنك من المهتمين والمتابعين لمثل هذه القضايا التي تعد خطيرة، فدموع أبنائنا غالية لا تذرف بسهولة، ونعلم أنك لن تترك هذا الأمر يمر بسلام. أترك الأمر لرعايتكم بكل احترام وتقدير، ولكل من لهم مداخلات على هذه القضية ضمن تجاربهم من خلال أبنائهم مع مثل هؤلاء المعلمين.

Scroll to Top