ما ان نجلس في مجلس إلا ونجد من يكون غائباً عن المجلس بفكره.. حائرا كحيرة طفل اليوم.. والسبب أن والديه لا يميزان الفرق بين التربية والرعاية بتوفير حقوقهم المادية من الاحتياجات.. وأنهما قاما بواجبهما في التربية.. ولا يعيان أن الفرق شاسع بين التربية والرعاية!
فرعاية الطفل هي توفير احتياجاته والاهتمام به، وقد تستطيع الكثير من المربيات الاهتمام بالأطفال من دون والديهم. أما التربية، فهي السبب الرئيسي لتشكيل شخصية الطفل، وتعتبر اجتهادا من الوالدين والمعلم لتكوين شخصية منفردة للطفل، ومساعدته لاكتشاف وتنمية هواياته ومواهبه وثقته بنفسه وجعله فرداً واعياً، مقدماً على الحياة وله دور فيها..
إن رعاية الطفل بالاهتمام بصحته وأمنه، وتوفير الحب والحنان والاحتياجات الأساسية له، والاهتمام بالواجبات المدرسية، حق من حقوق الطفل.. ولا شك في أن الرعاية مهمة جدا في حياة الطفل، ولكن الماديات التي تقدمها لطفلك لن تبني عقله، قد تغذيه لينمو، لكنه سيظل يحتاج إلى منهج يسير عليه طوال حياته، سيحتاج إلى قدوة يقتدي بها ليقوم بالأعمال الصالحة، ليعرف الخطأ والصواب.
والرعاية بلا تربية ينتج عنها رجال ضعاف الشخصية ونساء لا يتحملن المسؤولية، وموظفون لا يحترمون أعمالهم، وتلاميذ يهربون من مدارسهم، وأخ يسرق أخاه، سنجد مدينة تملأها القاذورات، لأن لا أحد علم طفل عدم رمي شيء على الأرض.. فالرعاية بلا تربية تؤدي إلى خلق كائن أناني لا يهمه في الكون سوى نفسه فقط، ستجده ابنا عاقا بوالديه، لا يستطيع أن يتحمل مسؤولية، ولا يعتمد عليه في شيء، وينتج عنها أشخاص بلا موهبة وبلا إبداع.
أما التربية، فهي عملية توجيه الطفل نحو الأخلاق الحسنة، والقيم والمبادئ الصالحة، وتعويده على عادات جيدة، ولبناء عنصر ايجابي في المجتمع يعتمد عليه في كل نواحي الحياة، وتكوين عنصر مجتهد قادر على تحسين نفسه وتطويرها.. ويأتي دور التربية في زراعة القيم في الطفل كي يحترم الصغير الكبير ويعطف الكبير على الصغير، وأن تزرع فيه الثقة بالنفس.
إن القيم والمبادئ لا تخص الأبناء فقط، لذلك عليك كمرب أن تصبح قدوة لأبنائك لا تكذب أمامهم حتى لا يكذبوا، احترم عقولهم، واحترم خصوصياتهم حتى لا يقتحموا خصوصياتك، وعدم التسلط على الأبناء، فيكفي أن تصبح قدوة حسنة في كل نواحي الحياة لهذا الابن.. ويستطيع الآباء مساعدة أبنائهم على اكتشاف مواهبهم ونقاط قوتهم، ليصبح فردا مبدعاً في المجتمع، ويستطيع شغل وقت فراغه في عمل مفيد.. مع الحرص على تربيتهم تربية دينية.
وأقول: احرصوا على بناء شخصية مستقلة للطفل وأخذ رأيه في كل ما يخصه مهما كان صغر سنه.. لا تجعلوا أبناءكم حائرين.. وعلموهم جيداً من خلال التربية الجيدة مع تقديم الرعاية ليرسموا لأنفسهم مسار حياة ينتهجونه بنجاح..